أشدُّ من الماء حزناً |
تغربت في دهشة الموت عن هذه اليابسه |
أشدُّ من الماء حزناً |
وأعتى من الريح توقاً إلى لحظة ناعسه |
وحيداً. ومزدحما بالملايين، |
خلف شبابيكها الدامسه.. |
* |
تغرٌبت منك. لتمكث في الأرض. |
أنت ستمكث |
(لم ينفع الناس.. لم تنفع الأرض) |
لكن ستمكث أنت، |
ولا شيء في الأرض، لاشيء فيها سواك، |
وما ظل من شظف الوقت، |
بعد انحسار مواسمها البائسه.. |
* |
ولدت ومهدك أرض الديانات، |
مهد الديانات أرضك، |
مهدك. لحدك. |
لكن ستمكث في الأرض. تلفحك الريح طلعا |
علي شجر الله. روحك يسكن طيرا |
يهاجر صيفا ليرجع قبل الشتاء بموتي جديدي.. |
وتعطيك قنبلة الغاز إيقاع رقصتك القادمه |
لتنهض في اللحظة الحاسمه |
أشد من الماء حزنا |
وأقوى من الخاتمه.. |
* |
لك المنشدون القدامى. لك البيد. لاسمك |
سر الفتوحات. لاسمك جمر الهواجس تحت |
الرماد.. وأنت افتتحت العصور الحديثة بالحلم. |
كابدت علم النجوم وفن الحدائق |
وأتقنت فقه الحرائق |
وداعبت موتك: حرى جهاز التنفس، |
للدورة الدموية ماتشتهي. |
وأيقنت أنك بدء.. ولا ينتهي |
ولاينتهي.. ويضيق عليك الخناق ولاينتهي |
وتتٌسع الثغرات الجديدة في السقف |
جدران بيتك تحفظ عن ظهر قلب |
وجوه القذائف |
وأنت بباب المشيئة واقف |
وصوتك نازف. وصمتك نازف |
تلم الرصاص من الصور العائليه |
وتتبع مسرى الصواريخ في لحم أشيائك المنزليه |
وتحصي ثقوب شظايا القنابل |
في جسد الطفلة النائمه |
وتلثم شمع أصابعهما الناعمه |
على طرف النعش، |
كيف تصوغ جنون المراثي؟ |
وكيف تلم مواعيد قتلاك في طرق الوطن الغائمه؟ |
وتحضن جثة طفلتك النائمه؟ |
* |
أشد من الماء حزنا |
وأوضح من شمس تموز. لكنٌ نضج السنابل |
يختار ميعاده بعد عقم الفصول. |
إذن فالتمس في وكالة غوثك شيئا من الخبز. |
وانس الإدام قليلا.. تحر التقاويم: يوما فيوما. |
وشهرا فشهرا. وعاما فعاما. تحر المناخ المفاجيء، |
قبل انفجار ندائك. أنت المنادي وأنت المنادي |
وأنت اشتعلت. انطفأت.. ابتدأت. |
انكفأت.. وأنت اكتشفت البلاد.. وأنت |
فقدت البلادا! |
أشد من الماء حزنا. |
* |
يؤجٌلك الموت . تمسح جسمك بالزيت كاهنة |
كرٌستٍها العصور لأجلك أنت. لأجلك تولد |
في البحر والبر عاصفة لا تسمى |
وتزحف في جسد الأرض حمى |
لينهض فيك كسيحاً. ويبصر أعمي |
وحولك ما خلق الله من كائنات غرائب |
ومن يصنعون العجائب |
لهم ٍ قصب السبق دون سباقي. لهم ما تتيح المقاعد |
للمقعدين. لهم جنة رحبة في الزحام الفقير وفي ورد |
مستنقعات الأزقٌة. تحت صفيح الأنيميا وبين |
خيام التخلف والجهل. في رقة القمع. هم نخبة |
الرق. أسياد زوجاتهم في المحافل. زوجات أسيادهم |
في القرار الصغير الصغير |
لهم ما يتيح الجلوس المدرب. ساقا علي الساق. |
كفا علي الخد. تحت حزام المدير |
وتحت حذاء معالي الوزير |
لهم قوتهم دون كد. وميراثهم دون جد وجد. |
لهم أن يكونوا العقارب في القيظ، |
أو أن يكونوا الأرانب في الزمهرير. |
لهم زغب القاصرات وريش النعام الوثير |
وأوقاتهم من حديد. وأعباؤهم من حرير |
وأنت على ملتقى الليل بالفجر. والبحر بالبر |
والجهر بالسر. تقتح باب السؤال الكبير |
وتغلق باب الجواب الأخير |
أشد من الماء حزنا |
أشد من الماء والرمل حزنا. |
* |
تصلي كثيرا |
تصلي طويلا |
تصلي |
وفي موعد النجمة الضائعه |
يضيع نداء المؤذن في جلبة السير، |
يعلق غيم الدخان بجلبابه. ويعود إلي البيت، |
مختنقا. حانقا من زحام الخلائق. تحتج |
زوجته الرابعه |
'غسلت ثيابك فجرا. وها أنت ترجع |
متسخا بالسناج.. ترفق قليلا. ترفق |
بخادمة المنزل الطائعه'! |
تصلٌي |
ويسقط رأس الموظف فوق ملفاته ميتا. |
خانه قلبه. والمرتٌب خان العيال. وخان |
المدير الأمانه |
وخانت جيوب الرئيس جيوب الخيانه |
ودارت. ودارت.. ودارت على نفسها الأسطوانه |
تنح إذن. أو تفجر كما ينبغي. لا صراط هناك |
ولا مستقيم هنا.. شاهدى أنت.. لكنٍ لمن سوف |
تشهد؟ أية محكمة لم تطأها الرشاوي؟ وأي |
القضاة البريء؟ |
تنح تفجر. تنح. تفجر. تفجر. لعل انفجارا |
يضيء |
وكل انطفاء مسيء مسيء |
وكل سكوتي كلامى بذيء! |
* |
هنا أنت. حولك هذا الجدار الكثيف |
وهذا الهمود الكفيف وهذا الخمود المخيف |
وحول جنونك تقعي الملايين حول الملايين. |
فوق الملايين. تحت الملايين. تمضي إلي الذبح. قطعان ماعز |
وتولد للذبح قطعان ماعز |
ويعلو بكاء الرجال الرجال، |
ويوغل صمت النساء النساء |
وفوق صراخ القبور وتحت أنين العجائز |
شعوب مسمنة للولائم في العيد |
من عاش يخسر سر الحياة |
ومن مات بات علي الموت حرا وحيا |
وما كان بالأمس عارا محالا |
هو اليوم شأن صغير وجائز |
فحاذر. وحاذر |
زمانك وغدى وغادر |
تنح. وغادر |
'إلي حيث ألقت..' |
فلا الأهل أهلى. ولا الدار دارى. ولا أنت أنت.. |
وما من أواصر |
تدور عليك الدوائر |
عليك تدور الدوائر |
وما من بشير ولا من بشائر |
تنح. وغادر |
'إلى حيث ألقت..' |
أشد من الماء حزنا. |
* |
يطول ارتباك المؤرخ في الدغل. أقنعة |
تستبيح أدق التفاصيل. فوضى تحيل |
طقوسا مرتبة للصدف |
وبضع ضباع تحيط بمائدة الطيبات |
مناديلها البيض تحضن أعناقها المشعرات. |
ضباع تمد سكاكينها وتشرع شوكاتها للطعام الشهي. |
وقد أتخمتها بقايا الجيف |
ضباع. ضيوف الشرف |
ضباع. لماذا أواني الخزف؟ |
وهذا الترف؟ |
لماذا؟ |
* |
وتعقد محكمة العدل ظلما. على باب محكمة الأمن غدرا |
سواسية أنت والماثلون أمام القضاء بتهمتك |
الأزلية. أنت وجلادك الأزلي سواسية. |
عند محكمة العدل والأمن. يغفي القضاة على ريش |
رشواتهم. ومحامي الدفاع شريك محامي النيابة |
في صفقات السياحة والنقل. فانس الشهود. |
شهادتهم لا تجوز. هم الصم والبكم والخرس. أقوالهم |
لا تقال. شهادتهم لا تجوز |
فكيف تفوز؟ وذنبك باسم العدالة واضح |
وجرم العدالة دونك.. فاضح |
فكيف تفوز؟ وكيف تفوز |
ومن سيفك الرموز؟ |
* |
جباه مبقعة بالسجود القديم لفرعون واللات |
لا للإله الذي أنت تعبد! لا تصغ للقول: إن البلاد العراق |
وإن العراق |
بلاد النفاق |
مياه المحيط نفاق ورمل الصحاري نفاق |
وماء الخليج نفاق. ونفط العروق النفاق |
وزرع البلاد وضرع البلاد |
لماذا؟ لماذا العراق |
وانت ونخل العراق |
أشد من الماء حزنا |
أشد من الماء والرمل حزنا |
أشد من الماء والرمل والنخل حزنا. |
* |
من الماء كانت هموم السحاب |
ومن سمك القرش كانت هموم 'قريش' |
وكنت من الماء أنت |
ومن سمك القرش كنت |
تمهل قليلا. تمهل كثيرا. تمهل |
همومك أولها ما احتملت |
وآخرها ما جهلت |
تمهل. |
* |
ومن أرض بابل تمضي إلى أرض بابل |
وحيدا تشيد أبراج حزنك في برج بابل |
وتخرج منك القبائل |
وتعبر فيك القوافل |
محملة باليتامى.. ومثقلة بالأرامل |
وحيدا بعريك تحت السماء البعيده |
وحيدا. كثير الأبوات، |
لكنٍ لأم وحيده |
لهاجر ضائعة في الرمال |
مشردة عن حقول السنابل |
ونبض الجداول |
أشد من الماء والرمل حزنا. |
* |
على ظهرك الآن ترقد. بين الحياة القليلةً |
والموت يأسا. |
يطلٌ من السقف 'فاوست' القديم. ويسخر منك. |
'تبيع كما شئت. أولا تبيع كما شاء شيطانك الذهبي. |
وفرصتك الذهبية.. لا.. لن تكون الأخيرة. |
سوق هي الأرض والناس لا تشتري أو تبيع |
سوى سقط أرواحها.. ولديها شياطينها المنتقاة |
علي كيفها!'.. ويقهقه 'فاوست' الخبيث. |
يقهقه مزدريا ما تحب ومحتقرا ما تخاف |
ومستمتعا بانهيار الضعاف |
ومنتظرا خصب أيامه المقبلات علي عربات الجفاف |
وأنت علي ظهرك الآن.. ما بين بين |
من الأين توغل في ألف أين |
* |
وها أنت خلف الزجاج المصفح. مقهاك سيارة |
الليموزين الوحيدة. سافر إذن في عروقك. |
واتبع دخان سجائرك الفاخره |
ولا تتبع الطرق الظاهره |
قناع وراء قناع |
تحاصر أوجه أحوالك الخاسره |
وأسراب نمل تحاصر |
أشجارك الخاسره |
وأحلامك الخاسره |
وليل سميك يحاصر أقمارك الخاسره |
وأيامك الخاسره |
وحزن أشد من الليل ليلا |
يحاصر قهوتك الفاتره |
وأنت.. أشد من النمل حزنا |
أشد من الليل حزنا |
أشد من الماء والحزن حزنا.. |
* |
لغيرك أن يتلهى بسخف التفاصيل.. حسبك أنت اكتمال |
الفجيعة. جيماً من الجهل.. جيماً من الجبن. جيماً |
من الجوع. تختصر الأبجديه |
وتهوي النيازك في ساحة البيتً. تحفر في مسكب الورد |
قبرا. وتهتز جدران بيتك خوفا. وتحضن ما |
ظل من صور عائليه |
وما ظل من قسمات الهويه |
لغيرك ما يتراءى على شرفة الأكاديميا ومختبر البحث |
والمقعد الجامعي الوثير |
وتبقى أخيرا. مع اللحظات الأخيرة. من بعض عمر قصير |
أمام التفاصيل. خلف التفاصيل.. تبقي أخيرا وتبقي |
بعيدا، |
ويبقي.. |
ملاك مريض يلوب علي سطح بيتك. من وسلوي على نار سيناء. هذا الشٌواء اللذيذ امتحانك. فامضغ |
إذا شئت زهدك. وانس القرابين. كل عرائسك |
الفاتناتً طعامى لأسماك قرش. فلا النيل يطلب |
لحم العذاري. ولا الخصب رهن ابتهالاتك الخاويه |
هنا حجر الزاويه |
وأنت تلوب ملاكا مريضا على باب شعبك |
والريح باردة قاسيه |
ولا كلب ينبح |
لا باب يفتح |
لا إنس. لا جن. القلب يمنح راحة رحمته الحانيه |
وأنت غريب هنا. ووحيد هناك |
أشد من الماء حزنا. |
* |
تفقد مع البرق أطراف جسمك. وانهضٍ.. عسيرى نهوض |
البراكين بعد الخمود الممل.. عسيرى نهوض الضحايا |
ولا تنتظر جسدا في خداع المرايا |
ووهم المرايا |
تفقد شرايين قلبك |
وأرجاء رعبك |
وحطم سراب المرايا |
وغادر مع البرق أطلال حبك |
حزينا. حزينا. أشد من الحزن حزنا. |
* |
لك الثائرون علي ساعة لاتدور. لك الشهداء. |
احترس من هواة الكلام المنمق. حاذر |
مراثي الصياغات بالضوء والصوت واللون. |
حاذر طقوس البلاغة رقصا علي الدم. أنت تغربت |
عن جوقة السيرك. لم يغوك السير فوق الحبال |
ولا قفزة البهلوان |
وأنت تغرب فيك الزمان |
وأنت تغرب عنك المكان |
وآب الطغاة |
وغاب الحواة |
لتمكث وحدك في ساحة الأفعوان |
مليكا بلا صولجان |
وطفلا.. ولا والدان |
وحيدا.. غريبا.. حزينا |
أشد من الماء حزنا |
الخميس ديسمبر 26, 2019 8:28 am من طرف فرندبوك friendbook
» الانتخابات الفلسطينية قانون الترشح بالقوائم النسبية المجلس التشريعي
السبت ديسمبر 07, 2019 7:35 am من طرف فرندبوك friendbook
» روابط ومواقع ادبية
الإثنين أكتوبر 07, 2019 11:10 am من طرف فرندبوك friendbook
» طقس ديراستيا فلسطين موقع طقس العرب
الأحد أكتوبر 06, 2019 10:34 am من طرف فرندبوك friendbook
» كفر لاقف سبب التسمية محافظة قلقيلية فلسطين
الأربعاء سبتمبر 25, 2019 5:09 am من طرف فرندبوك friendbook
» منتدى فلسطين القدس قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الأربعاء سبتمبر 25, 2019 4:55 am من طرف فرندبوك friendbook
» مكاتب قناة الضفتين والمغتربين بث مباشر بالفيسبوك Palestine
السبت سبتمبر 21, 2019 12:28 pm من طرف فرندبوك friendbook
» منتدى تونس قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الإثنين سبتمبر 16, 2019 3:28 am من طرف فرندبوك friendbook
» قيس سعيد مرشح الرئاسيات تونس 2019 معلومات مهمة شبكة بوابة فلسطين الاعلامية
الإثنين سبتمبر 16, 2019 3:26 am من طرف فرندبوك friendbook
» منتدى لبنان بيروت قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
السبت سبتمبر 14, 2019 5:12 am من طرف فرندبوك friendbook
» منتدى مصر القاهرة قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الجمعة سبتمبر 13, 2019 12:31 pm من طرف فرندبوك friendbook
» منتدى سوريا دمشق قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الأربعاء سبتمبر 11, 2019 9:44 am من طرف فرندبوك friendbook
» منتدى السعودية الرياض قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الثلاثاء سبتمبر 10, 2019 9:11 am من طرف فرندبوك friendbook
» للعاطلين عن العمل نصائح للحصول على وظيفة بشكل سريع
الإثنين سبتمبر 09, 2019 1:19 pm من طرف فرندبوك friendbook
» النوم الزائد قد يتسبب فب عدة امراض
السبت سبتمبر 07, 2019 9:31 am من طرف فرندبوك friendbook