فرند بوك تسالي ومرح friendbook

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
فرند بوك تسالي ومرح friendbook

عنواننا الفيس بوك facebook ( شبكة بوابة فلسطين الاعلامية ) https://www.facebook.com/daristiaonlain2013/

المواضيع الأخيرة

» عيد الحب عيد العشاق القصة الحقيقية والقديس فالانتاين فرندبوك ثقافي
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالخميس ديسمبر 26, 2019 8:28 am من طرف فرندبوك friendbook

» الانتخابات الفلسطينية قانون الترشح بالقوائم النسبية المجلس التشريعي
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالسبت ديسمبر 07, 2019 7:35 am من طرف فرندبوك friendbook

» روابط ومواقع ادبية
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالإثنين أكتوبر 07, 2019 11:10 am من طرف فرندبوك friendbook

» طقس ديراستيا فلسطين موقع طقس العرب
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالأحد أكتوبر 06, 2019 10:34 am من طرف فرندبوك friendbook

» كفر لاقف سبب التسمية محافظة قلقيلية فلسطين
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالأربعاء سبتمبر 25, 2019 5:09 am من طرف فرندبوك friendbook

» منتدى فلسطين القدس قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالأربعاء سبتمبر 25, 2019 4:55 am من طرف فرندبوك friendbook

» مكاتب قناة الضفتين والمغتربين بث مباشر بالفيسبوك Palestine
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالسبت سبتمبر 21, 2019 12:28 pm من طرف فرندبوك friendbook

» منتدى تونس قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالإثنين سبتمبر 16, 2019 3:28 am من طرف فرندبوك friendbook

» قيس سعيد مرشح الرئاسيات تونس 2019 معلومات مهمة شبكة بوابة فلسطين الاعلامية
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالإثنين سبتمبر 16, 2019 3:26 am من طرف فرندبوك friendbook

» منتدى لبنان بيروت قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالسبت سبتمبر 14, 2019 5:12 am من طرف فرندبوك friendbook

» منتدى مصر القاهرة قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالجمعة سبتمبر 13, 2019 12:31 pm من طرف فرندبوك friendbook

» منتدى سوريا دمشق قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالأربعاء سبتمبر 11, 2019 9:44 am من طرف فرندبوك friendbook

» منتدى السعودية الرياض قناة الضفتين والمغتربين فيسبوك
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالثلاثاء سبتمبر 10, 2019 9:11 am من طرف فرندبوك friendbook

» للعاطلين عن العمل نصائح للحصول على وظيفة بشكل سريع
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالإثنين سبتمبر 09, 2019 1:19 pm من طرف فرندبوك friendbook

» النوم الزائد قد يتسبب فب عدة امراض
الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Emptyالسبت سبتمبر 07, 2019 9:31 am من طرف فرندبوك friendbook

تصويت

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع

لا يوجد مستخدم

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 7420 مساهمة في هذا المنتدى في 2147 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 418 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو slim.skhab فمرحباً به.

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 86 بتاريخ الجمعة فبراير 10, 2012 4:16 pm


    الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية

    الشاعر عمر القاضي
    الشاعر عمر القاضي


    عدد المساهمات : 6267
    نقاط : 11789
    السٌّمعَة : 23
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية Empty الطفل في الخرافات العربية والفلسطينية

    مُساهمة من طرف الشاعر عمر القاضي الخميس فبراير 04, 2010 2:36 pm

    [size=24]
    الطـفــل
    في الخرافات العربية الفلسطينية

    د. توفيق كنعان
    ترجمة د. شريف كناعنة

    يربى الطفل الفلسطيني في جو مملوء بالخرافات والعادات والممارسات الغريبة والتي يتشربها الطفل حتى تصبح جزءا أساسيا من شخصيته وتبقى معه طيلة حياته متحكمة بأسلوب تفكيره ومتسلطة على جميع نواحي سلوكه. لذلك فإنه من المهم عند دراسة أحوال الطفل في الشرق أن يتم التعرف على هذه الأفكار الجذرية التي تنبع منها أفكاره وأعماله.

    إن أهم رغبة عند أي زوجين حديثين في فلسطين هي أن يمن الله عليهما بالأطفال مبكرا، لأن "البيت بلا أولاد مثل الجنة بلا ملايكة"، أو مثل "الشجرة بلا ثمرة". أما الزوجة التي لايمن الله عليها بالنسل فالويل لها، وغالبا ما يكون مصيرها أحد اثنين: إما أن تطرد من بيت زوجها لتلجأ إلى بيت أبيها وإما أن يتزوج الزوج امرأة أخرى بدلها. ومن أكثر المصطلحات استعمالا عند المباركة للعريس في هذه الأيام قولهم: "بفرحتك يا عريس" أي نأمل أن يولد لك صبي خلال مدة قريبة. وحالما يتضح أن الزوجة حامل يعم السرور جميع الأقارب ويشكرون الله عز وجل على نعمه. ويعتبر العقم أقصى العقوبات التي يمكن أن ينزلها الله بعباده.

    خلال عملية الوضع يجتمع الكثير من الأصدقاء والأقارب وتصطحب الكثيرات من النساء أطفالهن. وعادة مرافقة الأطفال لأمهاتهم في زياراتهن تفتح أعين الأطفال وآذانهم أمام معلومات من الواجب أن لا يطلعوا عليها إذ أنها تدفعهم نحو التحول إلى رجال ونساء ذوي مشاكل الحياة في وقت سابق لأوانه. وعندما تقترب لحظة الولادة تقوم النساء الحاضرات بالتشجيع وترديد دعوات مثل "القيامة بالسلامة والخلقة التامة". وتعتقد العجائز عادة بأنه إذا امتد الحمل إلى الشهر العاشر كان المولود أنثى، فيقلن "إن عشرت، في البنت بشرت".
    وعندما تتعسر الولادة يلجأ عادة إلى إحدى الطرق التالية: "مسابح الأولياء تسرع الولادة، فحالما تلبس المرأة المسبحة كقلادة حول عنقها وتتركها تتدلى على بطنها فوق منطقة الرحم تتسارع الطلقات وفي خلال فترة قصيرة تكون جميع الآلام والمتاعب قد انتهت. وينطبق هذا الوصف على مسبحة البكري والشيخ أبو أيمن. ويمكن الحصول على فوائد عظيمة مشابهة لفوائد هذه المسابح، عن طريق استعمال ستائر قبر الشيخ الخليلي. ويوجد ضمن مجموعة التعاويذ الموجودة لدي مشط وصحن كلاهما مغطى بالكتابات السحرية. ويسري تأثير المشط عندما يوضع فوق العظمة الحرفية اليمنى. أما الصحن فيجري غسل الكتابات الموجودة عليه بماء نظيف ثم تقوم الأم بشرب هذا المـاء. ويعتقد أهل دير غسانه أن استعمال " دكة " سروال رجل صالح يمكن أن تسهل الولادة العسيرة إذا ربطتها الأم حول وسطهــا. والولادة في فلسطين بشكل عام أسهل منها في أوروبا وأمريكا، وقد يكون السبب في ذلك كثرة الأعمال البدنية التي تقوم بها المرأة الشرقية والتي تستمر حتى خلال مدة الحمل.

    وينتظر الجميع،المولود القادم الجديد بفارغ الصبر، ويكون الفرح شديدا إذا كان المولود صبيا حتى لو كان مفرطا في الصغر أو غير متكامل الخلق. أما مجيء البنت فيسبب عادة الشعور بخيبة الأمل. وهناك مثل عربي يعبر عن هذه الفكرة بصدق، فيقول: "الولادة إن جابت ولد قد المفتاح، بملي البيت فراح، وان جابت بنية قد المخدة، بتنزل ع البيت خمدة".
    وفي حالة ولادة البنت تنتشر في البيت همسات خافتة: "جابت بنت، جابت بنت" وقد يقوم بعض الحاضرين بتوجيه اللعنات إلى الطفلة لتسببها بآلام الأم. والتعزية الوحيدة التي يمكن أن تسمعها في هذه الحالة هي: " إن شاء الله بتزينيها بالصبي. أما إذا كان المولود صبيا فإن الفرحة والسعادة تعم البيت، ويتناقل الحاضرون الخبر بسرعة.. ويجتمع عادة أمام البيت عدد كبير من الصبيان ينتظرون الأخبار ويحاول كل واحد منهم أن يكون أول من ينقل الأخبار السارة إلى الأب. وعندما يصلهم الخبر يصرخون "أعطينا البشارة، أعطينا البشارة، أجاك صبي." أما إذا كان المولود بنتا فإن الخبر ينقل إلى الأب بطريقة مختلفة: "مبروكة العروس" يشيرون بذلك إلى الوقت الذي ستحوز فيه هذه الطفلة البريئة التي سببت له الحزن على اهتمامه وتقديره، أي عندما يأتي وقت زواجها ويحصل هو على المهر." هذه الممارسات تبدو جميعها خاطئة، ولكنها تنبع من عادات البلاد. فالولد يبقى الحصن الحامي لعائلته طيلة حياته. أما البنت فتخسرها العائلة عند الزواج إذ تكرس نفـسها لبيتها الجديد. أما في حياة العائلة اليومية فإن البنات يكن محبوبات مثل الأبناء تماما.
    وعندما نتكلم عن نشر اسم العائلة والمحافظة على ممتلكات العائلة ومصالحها، فالأولاد، دون البنات، هم النعمة العزيزة. والمثل يقول: "عاطلة البنت لأهلها ومنيحتها لجوزها".
    هذه المعاملة التي تتصف بالتمييز والجور هي عادة شرقية بالغة القدم. فهنالك عدد من الآيات القرآنية تشير إلى أن البنات كن يقتلن بعد ولادتهن بقليل، أيام الجاهلية. وقد جاء في الآية القرآنية " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسـّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ".
    وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقصد محاربة هذه العادة بالذات عندما قال: "بارك الله في امرأة بكرت بابنة ". وهناك مثل قروي يستعمل للدفاع عن البنات يقول: "أم البنات بتمشي على ثبات". وتكون مسؤولية الأب نحو البنت عظيمة وبهذا الخصوص يقول المثـل: "هـمّ البنات للممات". ولذلك فإن بعض المتزمتين يرون أنه "إن ماتت وليتك من حسن نيتك". أو "موت البنات من المفخرات ولو أنهن عرايس مجوزات". وتقول إحدى المعتقدات الخرافية أن البنت تحاول أن لا تولد إذ أنها تعلم ما ينتظرها من شقاء. لذلك يقول لها الله: " انزلي، أنا معين أبوكي". أما عند ولادة الصبي فيقول له الله: "انزل، أنت معين أبوك".

    تقوم الدايةــ والتي تلعب دورا كبيرا في حياة الأطفال ــ بتحميم الطفل ودهن جميع جسمه بزيت ممزوج بمسحوق ناعم من الملح. ويعتقد أن هذا يزيد مناعة الجلد ومقاومته للعوامل الخارجية وهنالك اعتقاد شعبي بأن الطفل الذي لايتم تمليحه عند الولادة تصبح شخصيته ضعيفة وسخيفة. وقد كانت الداية في الماضي ترش مسحوق الملح الناعم المنـخـّـل على جلد الطفل بعد انتهاء دهنه بالزيت أو حتى بدون استعمال الزيت بالمرة، مما كان يؤدي في كثير من الحالات إلى تشقق الجلد.. وفي دير غسانة يدهن الطفل في هذه الأيام بأكسيد الرصاص الأحمر بدلا من الملح والزيت. بما أن جلد الطفل المولود حديثا يكون ناعما وغضا فإن الناس يستعملون بعض التعابير مثل"كأنه مولود جديد". أو" مثل اللي نازل من بطن أمه" للتعبير عن الشفاء التام للأمراض الجلدية.

    وهذه بعض المعتقدات الخرافية التي تؤثر في تكوين توقعات الإنسان الفلسطيني عن مستقبل طفل من الأطفال:
    الطفل الذي يبقي أصابع يديه مفتوحة معظم الوقت يصبح إنسانا كريما. أما القبضة المقفلة معظم
    الوقت تدل على أن صاحبها سيصبح إنسانا بخيلا. يقال عن الطفل الذي يضع يديه مفتوحتي الأصابع على جانبي رأسه بعد ولادته بفترة قصيرة، أنه يدعو الله أن يعين والده.
    ـ ولادة الطفل يوم الأربعاء أو السبت علامة سيئة. فالأطفال الذين يولدون في هذه الأيام سوف لا يكونون ناجحين في حياتهم وقد يموتون في موعد مبكر وذلك لأن هذين اليومين يتحكم بهما الكوكبان التعيسا الطالع وهما عطارد وزحل. أما الأطفال المولودون أيام الأحد والإثنين فهم محظوظون. والطفل الذي يولد ظهر يوم الجمعة يصبح" يا عالم، يا ظالم".
    الأطفال الذين يبكون وهم مازالوا في رحم الأم يفقدون أحد الوالدين بعد ولادتهم بوقت قصيــر.
    ـ الطفل الذي يظهر وكأنه مطهر عند ولادته بسبب قصر غلفته يقال عنه أنــه" مطهر طهور ملايكة" أو" مطهر طهور قمري". وفي مثل هذه الحالة يعتقد البعض أن" قرينة" الأم كانت حاملة بصبي وولدت في نفس الوقت فقامت لفرط فرحها بتطهير طفل أختها الإنسية مع طفلها مما يجعل الأرواح تمتنع عن مضايقة هذا الطفل. ويمكننا أن نستنتج من هذه العقيدة أن هؤلاء يعتقدون أن الجن أيضا يفضلون المولود الذكر على الأنثى.
    ـ الطفل الذي تظهر قواطعه العليا قبل السفلى يفقد أحد والديه بعد ولادته بفترة قصيرة. وتشير هذه الظاهرة أيضا إلى أن الطفل ينشأ شديد العناد.

    قبل حوالي أربعين سنة كان المولود لا يحمم قبل اليوم السابع وهنالك الآن من يعتقدون أنه من الخطأ تحميم الطفل قبل اليوم الثالث. أما في مدينة القدس والقرى المحيطة بها فيحمم الطفل كل يوم حتى يبلغ الأربعين يوما.

    مازالت عادة تكحيل الأطفال واسعة الانتشار. وتعتقد الأمهات أن الكحل يقوي االجفون ويحسن المنظر بالإضافة إلى تجميل العين. كما يعتقدون بأن تمرير المرواد أو ميل الكحل في العين يؤدي إلى توسيع فتحتها مما يزيد في جمال الطفل.
    تقطع القابلة "السرة" بعد ربط الطرفين بشريط غير معقم من القماش أو بخيط من القطن. وقبل حوالي خمسين سنة لم يكن الحبل السري يقطع قبل اليوم السابع من الولادة. في بيت جالا كان الأقارب والأصدقاء يدعون بمناسبة قطع الحبل السري ويعطى لكل واحد منهم شمعة. وبعد صلاة قصيرة تقوم القابلة بقطع السرة ثم تدع نقطة شمع تسقط من شمعتها على طرف الجزء المتصل بالطفل من الحبل السري، ثم يتبعها الباقون فيفعلون كما فعلت. وما زال الناس في عدد كبير من الحالات يحرقون طرف الحبل السري بنار شمعة مشتعلة، وهم بهذه الطرق البدائية وبدون معرفة واعية يعمقون الجرح الذي لا شك أنه يكون ملوثا. ويمارس المسيحيون في القدس العادة التالية: عندما تسقط "السرة" ويلتئم الجرح تقيم الجدة احتفالا لابنتها الأم الجديدة، تدعوا إليه الأصدقاء والأقارب ويسمى هذا الاحتفال "فراكه" لأنه يقام عندما تكون السرة قد "فركت" أي ذبلت وسقطت.

    وهذه بعض التعليمات والممارسات المتعلقة بالأطفال والتي يلتزم بها الناس بدقة لاعتقادهم بأن لها تأثيرا مؤكدا على نمو الطفل:
    لا تقبل قاع قدمي الطفل، فذلك يؤدي إلى توقف نموه. القبلة على الفم تؤدي إلى كثرة سيلان اللعاب، أما القبلة بين العينين فتؤدي إلى موت الطفل أو موت أحد الوالدين. هنالك مثل يقول: "إن كان مستعجل عليه بوسه بين عينيه"، "كثرة تقبيل الطفل مضرة لأنها بتمص عافيته".
    يجب أن لا يجامع الرجل زوجته أثناء فترة الحيض لأن أي طفل يولد لهم سيكون "مجرثم" أو"مقلعط".

    ويعزوا المسلمون حب المسيح أو إخلاصه لأمه إلى أكله التمر الذي كان يكون الجزء الأعظم من طعامه، لذلك فهم يسقون المولود الجديد بضع قطرات من ماء خلطت به حبة تمر مطحونة، ويفضل أن تكون حبة التمر هذه من مكة إن أمكن. كذلك فإن المسلمين يعتقدون أن في كل كوز رمان توجد حبة واحدة آتية من الجنة، لذلك يسقى الكثير من الأطفال عصير الرمان أملا بأن يكون بعض هذا العصير قد أتى من الحبة التي أتت من الجنة.

    ـ عندما يبتسم الطفل خصوصا أثناء النوم، يكون قد رأى أحد الملائكة الذين كانوا أصدقاءه في الجنة. وقد يتكلم الطفل مع الملائكة. ويستعمل الناس عادة كلمة" غزالته" ويعنون بها ملاكه. ويعتقد البعض أن الملائكة تنزل إلى الأرض لتغسل وجه الطفل ويديه.
    ـ عندما يبكي الطفل يعتقد الناس بأن الطفل إما أن يكون جائعا أو أن إحدى الأرواح الشريرة قد آذته.
    ـ يكون لكل إنسان منذ لحظة ولادته ملاك حارس يرافقه طيلة الوقت ليحميه من أي سوء قد يحدث له. وهنالك بعض أعضاء الجسم مثل العين التي يقوم بحمايتها ملاك خاص بها، وهذا هو السبب في أن الحوادث التي تؤذي الوجه قليلا ما تؤثر على العينين.
    ـ إذا حالف الحظ والنجاح عائلة من العائلات بعد مجيء طفل جديد فإن الوالدين يعتقدان بأن الطفل قد أحضر هذا الحظ معه. ويوصف مثل هذا الطفل بأن" قدمه خضرة"، وإذا حدث العكس قيل "قدمه شر".

    تعتقد النساء الفلسطينيات أن أفضل طريقة لاكتشاف فيما إذا كان الطفل شرعيا أم لا، هي الطريقة المستعملة في مكة. وتلخص هذه الطريقة في أن يؤتى بالطفل المشكوك في أمره عندما يكون قد بلغ عمره أربعين يوما فيحمم ويلبس ثيابا بيضاء وبعد صلاة المغرب مباشرة يوضع الطفل في "زاوية الرسول" ويترك هناك لوحده لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 دقائق. فإذا بقي الطفل خلال هذه المدة هادئا فهذا برهان على أنه الابن الشرعي للزوج، وإلا فهو غير شرعي وتستحق الأم بذلك العقاب على الرغم من برائتها.
    ويقال عادة أن" حكي سنة حكي نبي، حكي الزغير حكي ولي" وهذا تشبيه جميل يرفع الطفل نظرا لبراءته إلى منصب الأنبياء والأولياء الذين كان الطفل يتمتع برفقتهم في الجنة- حسب المعتقدات الشعبية- قبل ولادته بزمن قصير. لهذا السبب يدفن بعض فلاحي فلسطين أطفالهم بجانب "مقام" أحد الأولياء بهذه الطريقة توضع أجسامهم في بقعة مقدسة وتستطيع أرواحهم أن تتسامر مع أرواح الأولياء وتصعد معها إلى خالقها في الجنة. ويقال عادة للمرأة التي فقدت طفلا عند تعزيتها: "صار من عصافير الجنة"، هذا التقديس للأطفال يفسر أيضا الاعتقاد السائد بأن براز الطفل ليس نجسا مادام لا يأكل الطعام العادي ولا تحتاج المرأة المسلمة إلى تغيير ملابسها أو أن تقوم بتطهير نفسها قبل تأدية الصلاة.

    ويشترك الأطفال في" التغييث" أو طلب الغيث من الله في سنوات الجفاف لأنهم لا ذنوب لهم ولذلك فإن غضب الله وسخطه لا يمكن أن يشملهم. ويجتمعون في مثل هذه المناسبات فيسيرون في طرق القرية وحول مقامات بعض الأولياء مكررين باستمرار بضع شطرات من أغنيات يطلبون فيها من الله أن يعطف عليهم. ويكون المنطق في الاسترحام أن الكبار هم الذين ارتكبوا ولكن لا ذنب للأطفال ليتعذبوا معهم.

    عند ولادة الطفل يأتي جميع الأقارب والأصدقاء لتهنئة الوالدين السعيدين ويعبرون عن فرحهم بقولهم: "مبروك العريس"، " مبارك ماجاك"، " إن شاء الله بفرحته"...الخ. وفي مثل هذه المناسبات يحضرون معهم هدايا من القهوة والسكر والدخان وفي حالات قليلة النقود. ويقوم الأب عادة بتعويض هذه الهدايا بهدايا مماثلة حالما تسنح له فرصة مناسبة. وهنالك مثل يعبر عن هذه الفكرة، يقول: " كل شيء دين حتى دموع العين".وقد اعتاد المسيحيون في القدس أن يقدموا وجبة للأقارب في اليوم الثاني بعد ولادة المولود، وعندما يكون المولود هو الابن الأول للأبوين تتحول الوجبة إلى وليمة كبيرة.

    ـ هنالك اعتقاد بأن الأم التي يموت جميع أطفالها في سن مبكرة أو التي ليس لديها إلا البنات إذا حملت في بيت عائلة ذات أولاد كثيرين فإنها تلد صبيا يعيش طويلا.
    ـ يعطى الولد الأول عادة اسم جده لأبيه.

    يعتبر الزواج بدون أطفال وبدون صبيان بشكل خاص، عقابا وإهانة. لذلك فإن الأب يكون على أتم استعداد لاستبدال اسمه العادي بكنية" أبو" مضافا إليها اسم الابن الأكبر. ومن أجل تمويه الحقيقة بالنسبة للرجل الذي ليس له أبناء فإن الناس يلجأون إلى استعمال كنية "أبو" متبوعة باسم والد ذلك الرجل. فالرجل الذي يكون اسمه حسن واسم أبيه محمد وليس له أبناء يصبح اسمه "أبو محمد". كلما كانت الحمولة أكبر كلما زاد احترام الآخرين لها، فالحمولة التي يوجد فيها 200رجل( وتستعمل عادة بواردي) تكون محترمة أكثر من تلك التي يكون فيها 50 رجلا فقط.

    يعود الكثير من أسماء الأفراد إلى ظروف خاصة فنجد مثلا أن الأب الذي له بنات كثيرات يسمي أصغرهن منتهى، تمام، كفا، زيادة، أو زمقنا. أما إذا جاءت البنت بعد عدد كبير من الصبيان فقد يطلق عليها اسم وحيدة، هدية، امالي، أو ست اخوتها. وإذا مات أحد أفراد العائلة فإن الابن الذي يأتي بعده يسمى عوض، عوده، عايد، عواد، خلف أو مخلوف. وقد يسمى الطفل الذي يولد أثناء الحرب "حربي" والذي يولد بعد انتصار" نصري"، والذي ولد أثناء شهر رمضان "رمضان" كذلك قد يسمى من يوم الجمعة "جمعة" ويوم العيد "عيد" وهناك أسماء مثل: عبد الله وعبد الحي. ويعتقد أن للاسم تأثير مؤكد على حامله فقد يسبب له السعادة أو التعاسة. لذلك فإنه من المهم أن ينتقى اسم الطفل بحرص عظيم، وإذا مات أحد أفراد العائلة فإن اسمه عادة لا يطلق على فرد آخر في العائلة. كذلك فإن الناس يبتعدون عن استعمال أسماء الأشخاص البائسين أو التعيسين لأطفالهم.

    هنالك عادة تكاد تختفي الآن ولكنها كانت كثيرة الاستعمال عند تسمية أطفال العائلات المسلمة في القدس. كانت الداية تحمل هاونا تدقه باستمرار وهي تردد" اسم الله والنبي يحميك"، اسمك فلان، فاهم؟ اسمك فلان، اصحى تنسى اسمك، اسمك فلان". ثم تمرر الهاون ثلاث مرات حول السرير ومن تحته وفوقه. ويعتقد أن صوت الهاون يطرد الجن ويجعل الطفل شجاعا. وكانت نفس هذه الحركات تعمل أحيانا بإبريق مملوء بالماء ثم يمرر الإبريق على جميع الحاضرين فيأخذ كل منهم ملء فمه معتقدين أن الماء أصبح مباركا.
    في بعض القرى "تؤذن" الداية في أذن المولود وتتبع الآذن بقولها "اسمك فلان".
    الأم الشرقية شديدة الفخر بأطفالها، وبهذا المعنى يقول المثل: " ولو كانوا مـّّية أعز من عينيه"، وهي كثيرا ما تحرم نفسها لأجل إسعادهم وتوفير الحياة الكريمة لهم. وقد يصل حبها لهم حد التطرف، كما سنصف فيما بعد. وتظهر هذه العلاقة من خلال أسماء التحبب التي تستعملها معهم مثل: " يا روحي"، يا نور عيوني"، يا عيوني"، "يا قلبي"، "يا حشيشة قلبي"، " يا سندي"، " يا جملي"، "يا حياتي". وعند سؤال الوالدين عن أحد أبنائهم يقال: "كيف المحروس؟ ".

    هناك عادة متبعة عند المسلمين بأن لا ترضع الأم المولود إلا بعد أن يكرر أحدهم الشهادتين ثلاث مرات في أذن الطفل. وتعتـز جميع الأمهات بإرضاع أطفالهن، ولا يفطم الطفل قبل سن 18شهرا
    ما لم تكن هناك ضرورة ماسة لذلك. وكثيرا ما يستمر الطفل في الرضاعة حتى سن سنتين أو حتى ثلاث سنوات، وفي حالات نادرة أربع سنوات. ويعتقد بأنه كلما طالت مدة رضاعة الطفل كلما أصبح "عصبه قوي". لذلك فإن الطفل القوي الصحيح الجسم يوصف عادة بأنه "شبعان من حليب أمه" أو "رأسه مليان من حليب أمه". وهناك اعتقاد سائد بأن استمرار المرأة بإرضاع طفلها يؤخر حدوث الحمل، وهذا هو السبب في استمرار بعض النساء في إرضاع أطفالهن لمدة طويلة. وتحاول الأرملة إظهار حبها وإخلاصها لطفلها الصغير عن طريق الاستمرار في إرضاعه لمدة طويلة. إذا أصبحت المرأة حاملا وهي مرضع فإنها تخشى أن تستمر في إرضاع طفلها اعتقادا منها أن الحمل يغير تركيب الحليب وفي مثل هذه الحالة يعزى أي مرض يصيب الطفل إلى "حليب الغير ".المرأة التي تكون فقدت عدة أطفال لا ترضع طفلها الجديد من" حليب اللبـا " في الأيام الأولى بعد ولادته اعتقادا منها أن ذلك سيضلل "القرنية" التي قتلت إخوته من قبله.

    عندما تكون الأم مشغولة وتريد إسكات الطفل دون ترك عملها فإنها تلجأ إلى إعطائه " صرة" وهي عبارة عن قطعة من "راحة الحلقوم" مربوطة داخل قطعة من الشاش ولا يلجأ عادة إلى مرضعة إلا في حالة مرض الأم مرضا شديدا. وإنه لمن دواعي الإعجاب أن المرأة حتى في حالات المرض المزمن والضعف المتناهي لا تسمح لامرأة أخرى بإرضاع طفلها. هذه الاستجابة من قبل المرأة الفلسطينية لنداء الطبيعة بإرضاع الطفل كان من الممكن أن تؤدي إلى نتائج حميدة لولا أن هؤلاء الأمهات الجاهلات يبدأن في مرحلة مبكرة بإطعام أطفالهن أي شيء تقع عليه أيديهن: خبز، كعك، حلويات، فواكه، خيار، بندورة....الــخ. وهن لا يقبلن أي نصح بهذا الخصوص ويبررن سلوكهن بقولهن أن الطفل يشتهي ذلك الطعام وقد يمرض إذا لم يحصل على ما يشتهيه. وإنني على ثقة تامة بأن هذا التصرف هو السبب الرئيسي في الأمراض المعوية التي غالبا ما تنتهي بالموت.

    أول الطعام يعطى للطفل في المدن هو الشاي الذي يكون قد نقع فيه الخبز، ويزال الخبز من الشاي ويسقي الشاي المتبقي والذي يسمى "مية عيش" للطفل ويبدأ هذا عادة عندما يدخل الطفل شهره الثالث. وهناك اعتقاد سائد بأنه إذا اشتم الطفل رائحة طعام ما فيجب أن يحصل على بعض ذلك الطعام وإلا مرض. وفي مثل هذه الحالات تقوم الأم عادة بغمس طرف أحد أصابعها في الطعام ووضعها على شفتي الطفل.

    هناك مشكلة كبيرة أخرى وهي عدم تنظيم أوقات الرضاعة إذ أن الأم تعطي طفلها الثدي كلما ابتدأ بالبكاء اعتقادا منها بأن الجوع هو السبب الوحيد لبكاء الطفل ولذلك نجد أن بعض الأطفال يرضعون باستمرار. والأم لا ترى الضرورة الملحة لتنظيم أوقات الرضاعة حتى إذا أصيب الطفل بالأمراض المعوية وأمراض الجهاز الهضمي مثل النتاق والإسهال. وتظهر نتائج هذا الجهل المطبق بأبسط قوانين الطبيعة واضحة على الأطفال. ويعطى الأطفال حتى بعد الفطام كل ما يشتهون وعندما يشتهونه.

    ومن العادات الأخرى السيئة والمنتشرة في جميع نواحي الشرق والتي تترك أثرا سيئا على الأطفال عدم أعطاء الأطفال أي وقت للراحة. فأي بادرة بكاء من الطفل تجعل الأم أو أحد الأقارب يركضون إلى الطفل ويرفعونه من سريره. هنالك مثل يقول: " أم الولد لا تكوني بخيلة، مراضاة الولد قليلة" لذلك فإن الأم التي تدع طفلها يبكي تتهم بقساوة القلب. وبهذه الطريقة يتعود
    الأطفال على أن يكونوا محمولين كل الوقت أو أن يهز سريرهم حتى يناموا. الكثيرات من الأمهات يربطن بسرير الطفل حبلا يصل إلى مكان نومهم ليتمكن من هز السرير حال سماع حتى أبسط الأصوات من الطفل. أما في العائلات الفقيرة فهناك ظروف أخرى إذ نجد أن الطفل يترك في السرير يبكي إلى أن تنهي الأم جميع أشغالها. أحيانا يغطى وجه الطفل بمنديل لوقايته من الذباب، هذا الغطاء كثيرا ما يؤدي إلى اختناق الطفل التعيس، خصوصا في أيام الصيف الحارة. أما إذا أزيل هذا الغطاء فإن عشرات الذباب تغطي وجهه، فتراه يبكي ويصرخ ويحرك رأسه باستمرار محاولا التخلص منها، لكنه تدريجيا يرضى بما كتب له. لذلك فإن أطفال الطبقة الفقيرة الجاهلة يتعودون منذ الصغر على مصائب البلاد. هنالك مثل شعبي يعبر عن هذه الأوضاع بدقة، يقول عن الأطفال: "إن عاشوا باكلهم الدبان وان ماتوا ما بتلاقيلهم أكفان" وهنالك أمثال أخرى تعبر عن قلق الآباء على أطفالهم مثل: "شو بدك بالأولاد إن عاشوا جيران وان ماتوا جيران". أو " فيهم هم وبلاهم هم".

    ويظهر منظر الطفل وكأنه مومياء صغيرة حية لأنه يكون ملفوفا بالملابس مربوطا من عنقه إلى قدمه بحزام طويل وعريض من الخام بحيث تبقى يداه ورجلاه ممتدة ولا يمكن ثنيها أو تحريكها. ويبقى الطفل في اللفه حتى يبلغ حوالي ثلاثة أشهر إذا كان صحيحا وقويا، أما الطفل الضعيف فيستمر في اللفه لمدة أطول بكثير. بعد أشهر قليلة تستبدل اللفه بملابس تسمح بحرية الحركة لليدين بينما تبقى الرجلان مربوطتين لمدة أطول. بعد هذه المرحلة تصبح ملابس الطفل عبارة عن كيس من القطن له فتحات ثلاثة يدخل الرأس من إحداها واليدان من الفتحتين الأخريين.
    هنالك نقطة أخرى يجدر ذكرها، غالبا ما تكون ملابس الطفل مكونة إما من عدة طبقات بعضها فوق بعض أو من ثوب رقيق واحد. ونجد الحالة الأولى عادة في المدن وأثناء شهر الشتاء، أما الحالة الثانية فنراها منتشرة في القرى. والثوب الواحد الرقيق صحي أكثر خلال أشهر الصيف لأنه يمنح الجسم حرية ويعرضه للهواء النقي. أما تعدد الملابس بعضها فوق بعض فله أثر سيء على صحة الطفل لأنها تمنع نشاط الجلد كليا وتجعله أقل مناعة لتقلبات الطقس. مثل هؤلاء الأطفال يكونون معرضين لأمراض الجهاز التنفسي أكثر من غيرهم.

    يتشبث الأطفال الصغار بأمهاتهم ويرافقونهن أينما ذهبن، ويحمل الطفل إما في "عدل" على ظهر الأم، أو- عندما يصبح أكبر وأقوى ـ على كتفها حيث يمسك برأس الأم ليحافظ على توازنه... أما أثناء قيام الأم بأعمالها ـ مثل العجين، الخبز، العمل في البستان أو إحضار الماء من العين- فإن الطفل يجلس بجانبها. هذا الاعتماد الكلي والمرافقة المستمرة للأم يؤدي إلى تعلق الطفل بأمه تعلقا شديدا.

    أول كلمات ينطقها الطفل عادة هي" بابا" و"ماما" يليها كلمات "أبوك" ( وهي اختصار لـ " الله يلعن أبوك") و "بديش". ويكون الآباء شديدي الفخر عندما ينطق أطفالهم هذه اللعنات وكثيرا ما رأيت الآباء يعلمونها لأطفالهم.

    حالما يصبح الأطفال قادرين على المشي فإنهم يأخذون بالتجول في البيت ولا يسلم من شرهم شيء. وتعامل الطبقات الوسطى والغنية أطفالهم بطرق صحية أكثر إلا أن ظروف ابن الريف تفضل ظروف ابن المدينة كثيرا في شيء واحد على الأقل وهو أن طفل الريف يقضي يومه كله في الهواء الطلق النقي من الغبار بينما يلعب طفل المدينة في الشوارع القذرة المملوءة بالغبار معرضا نفسه طيلة الوقت لخطر السيارات.

    الأطفال، خصوصا القرويين منهم لا يغتسلون إلا نادرا، إذ أن الأمهات يخفن من الابتلال والرطوبة فلا يغسلن أطفالهن. ولا تغسل الأم الطفل حتى إذا قام الطفل بتلويث نفسه بل يمسح الغائط عنه بقطعة من القماش. بهذه الطريقة تصبح ملابسهم مشبعة أكثر فأكثر بالأوساخ ولا يجري تغييرها إلا في فترات متباعدة. ولا يعود السبب في هذا السلوك إلى الجهل والإهمال فقط بل أيضا إلى الاعتقاد الراسخ بأن القذارة هي خير واق من " صيبة العين" ومن " القرينة". وهنالك مثل شعبي معروف يقول "الوسخ برد العين". ويقال عن الطفل الذي لا تزال عنه الأوساخ لمثل هذه الأسباب "مصبر". ومنطق الآباء في هذا السلوك هو: كلما ازداد جمال الطفل كلما ازداد تعرضه للقوى الخارقة الشريرة، والاتساخ يخفي من جمال الطفل الطبيعي. ويضطر الطبيب عادة إلى التذمر عدة مرات من قذارة الأطفال الذين يحضرون إلى عيادته للعلاج ولكنّ الأمهات عادة يرفضن غسل الطفل رفضا باتا قائلات: "الطفل يجب أن يغسل فقط عندما يطلب ذلك بنفسه".

    إن الآباء الشرقيين لا يخافون أو يبغضون شيئا أكثر من أن يعلق أحد على جمال أو صحة أطفالهم دون ذكر اسم الله في نفس الوقت. ويعتقد أن مجرد ذكر اسم الله يحمي من "العين" ولذلك نجد أنه في كثير من الحالات عندما يكون الشخص يلمس على رأس الطفل بتحبب فإنه يستعمل اصطلاحات بشعة منفرة مثل: "يا كلب"، "يا حمار"، " يا خريان"، "تفو عليك" وما إلى ذلك.

    أحد الأسباب الثانوية في إهمال نظافة الأطفال هو عدم توفر المياه، أما في القرى القريبة من شاطئ البحر أو من عين ماء فإننا نرى الأطفال يستحمون فيها.

    مرحلة "التسنين" تمر بسهولة نسبية لدى الأطفال الفلسطينيين ولا تسبب المشاكل إلا لدى الأطفال الذين تكون الأمراض المعوية قد أضعفتهم، فتظهر لديهم عوارض عسر الهضم والقلق. وكثيرا ما يعطى الأطفال في هذه المرحلة قطعة عظم ملساء بشكل الإصبع للعض عليها لتسرع في عملية التسنين. ومع أنه قد يكون لها بعض التأثير الحسن إلا أنني اعتقد بأنها كثيرا ما تسبب للطفل إلتهابات جديدة، إذ أنها كثيرا ما تكون قد استعملت من قبل أطفال آخرين ولا يحافظ على نظافتها بالشكل المطلوب. لذلك تكون هذه المرحلة من أصعب المراحل بالنسبة للأطفال الضعفاء إذ يصابون خلال هذه المرحلة بالكثير من الأمراض.

    هنالك مثل يشير إلى أن الطفل يمر في ثلاث مراحل خطيرة: " أول همك ملحة جسدك، ثاني همك فطمك عن أمك، ثالث همك اطلع سنك". والحقيقة الواقعة أن هذه هي أخطر المراحل في حياة الطفل. ويقال على لسان الطفل الذي يكون في مرحلة التسنين: "إيمتا ما تطلع أسناني، هيولي أكفاني". عندما يقوم أحد الأطفال بقلع سن من أسنان الحليب ينصحه الأطفال الآخرون عادة بأن يرمي السن من بين ساقيه باتجاه قرص الشمس قائلا: "خذي يا شمس سن هالحمار وأعطيني سن غزال". من المفروض أن يضمن هذا السلوك ظهور السن الجديد بسرعة وكونه قويا وناصع البياض.

    تفتخر كل أم بطفلها إذا بدأ بالمشي مبكرا. هذا يؤدي إلى الظاهرة السيئة التي كثيرا ما نشاهدها وهي إجبار الأطفال على الوقوف قبل أن تكون عظامهم اللينة قادرة على حمل وزن أجسامهم. الطفل الفلسطيني الصحيح يكون قويا متناسق الجسم بشكل فائق. ويمكنه المشي أو الجري مسافات أطول بكثير من الطفل الأوروبي العادي. والطفل يرافق والده وإخوته الكبار إلى مكان عملهم حالما يصبح قادرا على ذلك، إذ نراه يتجول في الهواء الطلق راكضا وراء الأغنام أو لاعبا في الحقول والكروم أو راكبا على حمار. هذا التمرين المستمر لجميع أعضاء الجسم والذي لا تعيقه أي ملابس ضيقة يؤدي إلى نمو متناسق في عضلات الجسم ويعطي الطفل مظهرا صحيا.

    إن إعطاء وصف موجز لبيوت الفلاحين التي يقضي فيها الطفل الرضيع أكثر من أربعة أخماس وقته، وعلى الأقل نصف وقته فيما بعد هذه المرحلة، لعمل مهم لأن للبيت تأثيرا كبيرا على صحة الطفل ونموه. معظم القرى في فلسطين مبنية على رؤوس التلال أو الجبال، ويسمح موقع هذه القرى عادة بدخول الهواء للطفل وأشعة الشمس المباشرة والمطهرة إليها. وتكون بيوت القرية عادة بسيطة ومتقاربة من بعضها البعض والطرق ضيقة وملتوية ترمى فيها جميع قمامات بيوت القرية. ويتكون البيت نفسه عادة من غرفة واحدة بشكل مكعب ذي قناطر على الطريقة الشرقية ومقسم إلى طابقين، السفلى منها بدون أي نوافذ وهي للدواب، والعلوي وله عادة نافذة صغيرة أو اثنتان وهو لأفراد العائلة. وبهذه الطريق يعيش الناس والحيوانات في نفس الغرفة، لأن الجزأين يكونان مرتبطين ببعضهما تماما. وبما أن الشبابيك تكون مقفلة طوال الليل فإن الهواء لابد أن يصبح ملوثا.
    وهناك سببان لوجود نافذة واحدة صغيرة أو اثنتين فقط (تسمى كل منهما " شراقة أو طاقة") وهما:
    1ـ الخوف من هجوم الأعداء، وهذا هو السبب في أن البيوت كانت تبنى في السابق كقلاع صغيرة بدون أي نوع من الزخرفة.
    2ـ العواصف الشديدة في فصل الشتاء.
    وتفصل "الخوابي" المعمولة من الطين غرفة سكن العائلة إلى مخزن يقع وراء "الخوابي" والحجرة الخاصة بأفراد العائلة أمامها. ويستعمل الحطب الأخضر أو النتش الجاف للتدفئة خلال فصل الشتاء. وتزيد الغيم الكثيفة من الدخان في جعل الهواء في البيت لا يطاق، ولكن عيون هؤلاء الفلاحين ورئاتهم تكون قد اعتادت على هذا الجو المزعج بحيث أنهم لا يشعرون به. إن الخيام التي يسكنها البدو التي تسمح بمرور الهواء فيها باستمرار تكون صحية أكثر، على الأقل فيما يتعلق بنقاء الهواء. ويعيش الفقراء من سكان المدن أيضا في بيوت صغيرة معتمة تفتقر إلى التهوية ولكن لا تشاركهم الحيوانات في المعيشة فيها.

    " تكون فترة اللعب في حياة طفل القرية قصيرة جدا إذ سرعان ما يبدأ الأطفال بالعمل في البيت أو العناية في الحيوانات، وتبدأ حياة العمل عند البنات قبلها عند الصبيان. ويقوم بعض الأطفال بالمساعدة في رعاية الماعز والغنم كما يقوم البعض بجمع الحطب". كذلك فإن الفتيات يساعدن في الأعمال المنزلية وفي جلب الماء. بشكل عام فإن الصبيان والبنات في فلسطين لا يعرفون الطفولة ولا يستمتعون بها بنفس الطريقة التي يستمتع بها الأطفال في الغرب، إذ أن الطفل الفلسطيني يدخل عالم الحقيقة الفظ في مرحلة مبكرة جدا من حياته.

    عندما يكبر الطفل فإنه يحافظ على معظم العادات التي يكون قد تربى عليها. فهو يعطى بقدر الإمكان كل ما يطلبه، وإذا منع عنه شيء فإنه يبكي ويصرخ ويرمي نفسه على الأرض ويسب ويشتم حتى ينجح في النهاية في الحصول على ما يريد، ويكون دائما هو المنتصر. ويرافقه عدم النظام باستمرار، إذ أنه يكون سيد نفسه فيأكل ما يريد، وينام، ويلعب ما يشاء. إن الآباء قليلا جدا ما يعاقبون الأطفال إذ يسمح للطفل حتى سن السادسة أو السابعة أن يفعل كل ما يشاء، والعقاب الجسماني حتى هذه السن غير موجود بالمرة. هذه المعاملة تجعل الطفل "مدللا" ولكن لمدة طفولته فقط إذ أنه حالما يكبر قليلا فإن بساطة الحياة تتغلب على جميع نواحي الضعف فيه وسرعان ما تبرز فيه مواصفات الحياة الأبوية الشرقية.

    إن تعلق الأطفال بالوالدين، وبالأم بشكل خاص، تصل درجة المثالية. وتبقى الأم موضع الاحترام والحب الشديد لأبنائها طيلة الحياة. ويعبر المثل العامي عن هذه الحقيقة تعبيرا جميلا حيث يقول: "ألف عين تبكي ولا عين أمي". ولا توجد لدى الإنسان الشرقي أي خسارة تعادل فقدان الأم.
    بشكل عام فإن الأب عادة يتزوج وزوجة الأب تهمل الأطفال. أما الأم التي يموت زوجها فيزداد تشبثها بأطفالها، وتقبل بالزواج فقط إذا أجبرت على ذلك. ويعلمنا المثل العربي أن: "موت الأم بهم، موت الأب بلم". ويصور التعبيران التاليان ارتباط الأطفال بالوالدين عندما تقع للشخص مشكلة فإنه عادة يقول: "يا رضا الوالدين". كذلك يقال "رضا الأب من رضا الرب".

    إن الحب المتبادل بين أفراد العائلة هو الناحية المضيئة في حياة العائلة الشرقية، الأب فيها هو الحاكم. ولا يكون الأب موقرا فقط بل إن جميع رغباته تلبى وجميع أوامره تنفذ. والحال في فلسطين الآن مازال كما كان عليه في أيام العهد القديم إذ أن الوالدين ما يزالان يقرران مستقبل الأطفال. ويتم زواج الأبناء والبنات دون استشارتهم، والابن الذي يتزوج يعيش في نفس البيت مع الوالدين حيث تصبح زوجة الابن تحت سيطرة الأم. هذا الوضع الأخير آخذ في التغيير خصوصا في المدن.

    يرافق الأبناء الكبار آباءهم في جميع الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية كما يرافقونهم إلى الاجتماعات التي تعالج فيها الأمور المهمة وتحل المشاكل بين الناس، فهم مثلا يحضرون الزيارات الاجتماعية العادية، والخطوبة والعرس وحفلات الطهور والاجتماعات الدينية وحفلات استقبال أفراد القرية العائدين من سفرة طويلة أو استقبال الضيوف في المضافة والاحتفالات في البيت أو في أحد المزارات، والاجتماعات التي تدور فيها المساومات التجارية أو النظر في قضية قتل وما إلى ذلك من الأعمال. في مثل هذه المناسبات يجلس الأطفال ويستمعون إلى كل ما يقال، فهم يتعلمون المصطلحات والأمثال والقصص، ويستمعون إلى قصص البطولات التي يقصها كبار السن أو يغنيها "الشاعر"، ويتعلمون أصول الضيافة وقوانين السلوك القروية والبدوية، ويتعرفون على العادات والممارسات الدينية التي تتحكم بحياة القرية والقواعد المتبعة في المعاملات التجارية. من هنا يتضح أن هذه الاجتماعات هي المدرسة الوحيدة ـ وهي في الحقيقة مدرسة ممتازةـ التي يتثقف فيها رجال الجيل القادم في جميع نواحي "المعرفة القروية". بذلك نرى كيف أن الحياة القروية البسيطة والرعاية الأبوية والتأثير المستمر للكبار على الأطفال تكسبهم الصفات الجذابة والمميزة للإنسان الفلسطيني، ألا وهي: الجدية والأدب والهدوء والرصانة.
    " يظهر بوضوح أن الأطفال الصغار يتصفون بنفس الدرجة من الأدب كتلك التي يتحلى بهــــــا
    الكبار. ويظهر ذلك جليا لأن الأطفال حالما يبدؤون بالمشي يلبسون نفس الملابس مثل الكبار فيبدون وكأنهم رجال ونساء وصغار".

    بينما يطهر اليهود أبناءهم في اليوم السابع فإن المسلمين, الذين يتبعون نفس الممارسة, يطهرون أبناءهم في أي وقت يشاؤون, ولكن يجري ذلك عادة بين سن الثالثة والعاشرة. والطهور مناسبة هامة في حياة العائلة الفلسطينية. كثيرون " ينذرون" طهور أبنائهم في مقام أحد الأولياء. ويعتقد أن مثل هذا "النذر" يعود بالفائدة على الطرفين: فالطفل يستفيد من حماية "الولي" الذي يزداد شهرة بسبب الثقة التي يضعها فيه أصحاب "النذر". وقد "ينذر" المغني بأنه سيدفع تكاليف العملية ويهدي بعض الملابس لكل واحد من هؤلاء الأطفال. وتحتوي معظم مناسبات الطهور على "زفة" أو موكب. وتكتسب "الزفة" هيبة ورونقا أكثر إذا جرت في مقام أحد "الأولياء" المهمين مثل مقام أهم "ولي" في منطقتهم لإجراء الطهور. ويلبس الطفل عادة ملابس جديدة، ويزين بكثير من الحجب ويتبعه الأقارب والأصدقاء بالغناء والرقص "والسحجة". ويزين فراش الطفل المطهر بالكثير من الحجب والتعاويذ لحمايته من "العين" والأرواح الشريرة.

    سأذكر فيما يلي بعض الأمراض التي تصيب الأطفال ولكن ليس المقصود من ذلك إعطاء وصف علمي وإنما ذكر بعض الأفكار والعادات التي تكمن وراء الشعوذات والممارسات المسؤولة عن ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال.

    يؤمن الشرقيون بأن كل الخير أو الشر يأتي من الله، وتعود جذور هذا الاعتقاد إلى الحضارة السامية القديمة. ولا يستطيع الإنسان دفع السوء لأن المرض "ضربة من الله" والإنسان لا يستطيع الاعتراض على مشيئة الله، إذ أن مستقبل كل إنسان يكون مكتوبا على جبينه لحظة ولادته. وتتمثل هذه الكتابة في الخطوط المتعرجة التي تظهر عند اتصال عظام الجمجمة ببعضها. هذا الاعتقاد يفسر استسلام الشرقيين التام ـ والمسلمون منهم أكثر من المسيحيين- للقدر. فهم لذلك لا يؤمنون بإمكانية انتقال المرض بالعدوى. لذلك فإن الطفل المصاب بحمى التيفوئيد أو الحصبة أو الديزنطاريا يبقى مع باقي الأطفال في نفس الغرفة ويشاركهم الفراش والطعام لأن الإنسان لا يمرض إلا بإرادة الله تعالى، ولا يستطيع الهرب من حكم الله إذا قدر الله له أن يمرض. لذلك نرى أن معظم أطفال القرية يصابون معا بنفس الوباء.
    ونتيجة للممارسات فإن آداب السلوك القروية تتطلب من الأقارب والأصدقاء زيارة المريض وإظهار تعاطفهم، فيحضرون رجالا ونساء وأطفالا يملئون الغرفة فتـنهك هذه الزيارات الشخص المريض بينما يعود الزائرون حاملين معهم جراثيم المرض.

    من حسن الحظ أن الخرافات الشعبية تمنع الزيارات أيام الجمعة والأربعاء -والأخير بشكل خاص- نتيجة الاعتقاد بأن هذين اليومين يقعان تحت تأثير الكوكبين عطارد وزحل ولهما تأثير سيء على المرضى.
    والفلسطينيون، مثلهم في ذلك مثل سكان الشرق القدماء، يؤمنون بوجود كائنات روحية سبق أن كانت في مرحلة ما من عباد الله المطيعين. ولكن الشيطان، منذ أن عصى الخالق وطرد من الجنة، فإنه هو وسلالته من الجن مازالوا يحاولون باستمرار إيذاء الإنسان ذلك الكائن الذي توج الله به أعماله. بهذه الطريقة ينتقم الشيطان أيضا من بني الإنسان لأن خلق جدهم آدم كان السبب لطرد الشيطان من الجنة. وتهاجم الأرواح الشريرة بشكل رئيسي الأطفال. وهنالك روح شريرة أنثى تدعى "القرينة" وظيفتها الرئيسية إيذاء الأطفال الصغار. فهي تتربص بالأطفال، وعندما تجد أحدهم تنقض عليه فيمرض وقد يموت. وكثيرا ما تهاجم هذه الجنية النساء الحوامل فتسبب لهن الإجهاض. وتخسر مثل هؤلاء النساء ثمرات حملهن مرة تلو المرة. والقرينة يخافها جميع سكان فلسطين. هناك عدة أرواح شريرة أخرى تهاجم الأطفال. والأطفال المرضى والضعفاء يصبحون بسبب انخفاض درجة مناعتهم أكثر تعرضا للإيذاء من الأرواح...
    وأخطر الأرواح الشريرة هي تلك التي تسبب نوبات التشنج والصرع وتأخذ هذه الأرواح عادة شكل "طير طاير". وتعزى الأم التي تكون قد فقدت عدة أطفال جميع مصائبها إلى الأرواح الشريرة. لذلك فإن الأم تسمي الطفل الذي يولد بعد ذلك "خميس" أو "ذيب". إذ يعتقد أن الذئب هو الحيوان الوحيد الذي تخافه الجن لأن عينيه قادرتان على رؤية الجن فينقض عليهم ويفترسهم.
    أما اسم "خميس" فيستعمل لسببين، الأول أنه يوحي برقم خمسة الذي يشير إلى"اليد" التي تعتبر تعويذة قوية. والسبب الثاني لأن"خميس" تستعمل كلقب للخنزير والخنزير حيوان تمقته الجن مقتا شديدا لأنه أقذر من أكثر أفراد الجن قذارة. هناك قوى خارقة أخرى تلعب دورا مهما في تسبيب الأمراض أهمها اثنان: "العين الشريرة" و"الروح الشريرة"، وتسكن هذه القوى عادة في فرد تعيس الحظ من بني الإنسان. فبينما تهاجم الأرواح التي سبق ذكرها فريستها مباشرة نجد أن القوتين الأخيرتين تسكنان في جسم إنسان وتهاجم ضحاياها من خلاله. وتنطلق القوى الشريرة في حالة" العين" من العينين، أما في حالة "الروح الشريرة" فإن الشر يأتي عن طريق النفس. ويعتقد الناس اعتقادا قاطعا بأن ثلثي الوفيات تنتج عن"العين" كما يعتقدون بأن الجمال والنظافة والملابس الجديدة وما يشبه ذلك تجعل الطفل جذابا وبذلك تعرضه أكثر إلى تأثير"العين الشريرة"، هذا يعطينا فكرة عن طبيعة أنواع العلاج الواقية من"صيبة العين" فنحن نجد بعض الناس الأغنياء يلبسون أطفالهم أقدم وأقذر الملابس ويتركونهم قذرين وغير مرتبين. لهذه الأسباب نجد أحيانا بعض الصبيان يلبسون كالبنات. ويحمل الأطفال عادة الكثير من الحجب والتعاويذ التي تعلق على الطاقية أو حول العنق أو تربط حول الذراع أو الأقدام أو الأيدي. وكثيرا ما يحمل نفس الطفل عددا من هذه الحروز الواقية. وكثيرا ما تعلق الحروز على سرير الطفل كما توضع أحيانا تحت الفرشة أو المخدة. وتستعمل بعض هذه الحجب للوقاية من"صيبة العين" وبعضها لإبعاد" القرينة" بينما يكون البعض الآخر لمنع تأثير" الروح الشريرة" وقد نستطرد كثيرا إذا حاولنا وصف هذه الحروز بالتفصيل.

    عندما يشتد المرض بطفل من الأطفال فقد تلجأ الأم أو الأب أو أحد الأقارب إلى أحد الأولياء اعتقادا منهم بأن هؤلاء أقدر على دحر القوى الشريرة لأنهم يستمدون قوتهم مباشرة من الله الذي هو مصدر كل القوة. و"ينذر" الشخص في مثل هذه الحالة أن يقدم للولي شيئا من الزيت أو بعض الشموع لإنارة" المقام" أو أن يذبح ذبيحة للولي. وكثيرا ما تصف الأم الطفل الذي يكون قد أرهقها بكثرة مرضه بقولها: "ربيته كل شبر بنذر"."الكبسه" دائما تسبب المرض للطفل. فحالما تخطو المرأة"المعذورة" غير الطاهرة بسبب الجماع أو أي سبب آخر، فوق الطفل أو فوق بعض ملابسه فإن الأرواح الشريرة التي تحوم حول الدم تهاجم الطفل فيسقط مريضا...
    تكوّن "الخوفة" سببا آخر للمرض إذ أنها تضعف مقاومة الطفل لفترة قصيرة فتنتهز الجن-التي تكون دائما على أهبة الاستعداد- هذه الفرصة لمهاجمة الطفل. وعلاج "الخوفة" يكون عادة "طاسة الرجفة".. هنالك علاج آخر وهو أن يسقى الطفل الذي حدثت له "الخوفة" بول طفل آخر أو بول امرأة كبيرة "قاطع" لا تأتيها العادة الشهرية. هذا العلاج الرهيب يطرد الأرواح الشريرة.
    البرد و"الشهوة" و"اللقمة" و"البشمة" جميعها تسبب المرض. الشرقيون يخشون البرد فنجدهم يقون الأطفال من التواجد في أي مجرى هواء، هذه العادة تنتشر بين سكان المدن والمسيحيين أكثر منها بين الفلاحين والبدو. ويعتقد أن البرد هو السبب في جميع "النزلات"..
    ويميزون بين النزلة الصدرية ونزلة الرأس ونزلة المصارين. هذا الخوف من البرد يجعل الأمهات تلف أطفالهن بعدد كبير من الملابس إلى درجة تعيق الجلد عن أداء وظائفه. هذه العادة السيئة تفسر كون أطفال المدينة أقل مناعة للأمراض من أطفال البدو والقرى.

    يعتقد سكان الريف أن الطفل الذي يشتهي شيئا ما قد يمرض إذا لم تلب رغبته إذ يصاب بالحمى أو بالإسهال أو يذوي بصورة تدريجية. وكثيرا ما تبرر الأمهات إعطاء أطفالهن أشياء ممنوعة بقولهن: " هو لبه". كذلك يجب أن تلبى جميع رغبات المرأة الحامل إذ يعتقد أن كل رغبة لا تلبى سيكون لها تأثيرها على الغشاء المخاطي للقصبة حتى بعد هبوط الطعام إلى المعدة.
    "البشمة" تشير إلى وعكة معوية ناتجة عن وجبة كبيرة لم يتم هضمها جيدا وتكون أعراضها النتاق والإمساك.

    سأقف هنا وقفة قصيرة مع طرق علاج هذه الأمراض المعوية ولكن لن أتطرق إلى أي من الوصفات الشعبية( مثل زيت اللوز المر أو ماء اليانسون الخ). التي تعطى للأطفال بناء على نصيحة إحدى "النساء الحكيمات" وإنما سأقتصر الحديث على وصف طريقة علاج واسعة الانتشار تستعملها جميع طبقات المجتمع وجميع طوائفه اعتقادا بأنها قادرة على علاج جميع أنواع الأمراض. هذه الطريقة هي"الكي" بالنار. ويعلمنا المثل الشعبي أن "آخر الدواء الكي" وكلمة "تنقيط" هي اصطلاح فني يعني الكي مرات متعددة برأس معدني مدبب، ويستعمل عادة لهذا الغرض مسمار طويل. والمنطقة المخصصة لتنفيذ هذه العملية البربرية هي المعدة...
    هنالك بعض النساء ــ وأنا أعرف عن اثنتين منهن في القدس ــ اللواتي تختص بهذا النوع من العلاج، هذا العلاج البربري، لاشك ينهك الطفل الذي يكون قد أضعفه المرض. ولكن يظهر أن القضاء على هذه الممارسة الجنونية غير ممكن على الرغم من نصائح الأطباء والممرضات والناس المثقفين.
    أما بالنسبة لأمراض جهاز التنفس(مثل التهاب القصبة الهوائية أو التهاب الرئتين) فإن القابلات والعجائز ينصحن باستعمال طرق العلاج التالية:
    "كاسات هواء"، "كاسات دم" و"تشطيب". ويستعمل العلاج الأخير أيضا في حالات الصرع والارتفاع الشديد في درجة الحرارة. في مثل هذه الحالات

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 1:09 pm